استند الرئيس الأول لمحاكم استئناف بيروت، القاضي حبيب رزق الله، إلى مجموعة محددة من مواد قانون القضاء العدلي، ليعلّل “قانونية تكليف القاضي بلال حلاوي”، للقيام بمهام قاضي تحقيق أول في بيروت، بعد إحالة القاضي شربل أبو سمرا إلى التقاعد في التاسع من تشرين الثاني الماضي.
مطالعة رزق الله
حصلت “المدن” على “المطالعة القانونية” التي أرسلها القاضي رزق الله لقاضي تحقيق بيروت فؤاد مراد، عرض في متنها المواد القانونية التي استند إليها في قراره الذي أثار جدلًا واسعًا بين أهل القضاء.
وتأكيدًا على “قانونية” قراره، فصّل رزق الله المادة 36 قضاء عدلي التي تنص على معيار تحديد رئيس الدائرة القضائية، والتي ميزت بين الغرفة والقسم من جهة وبين دائرة النيابة العامة ودائرة التحقيق من جهة أخرى.. و”أن الدائرة القضائية المؤلفة من عدة غرف يرأسها القاضي الأعلى درجة حُكمًا (حسب ما ورد في الفقرة الأولى من المادة 36)، أما النيابة لعامة ودائرة التحقيق فيرأس كل منهما “نائب عام وقاضي تحقيق أول” (حسب ما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 36)، أي القاضي الذي يعين نائبًا عامًا والقاضي الذي يعيّن قاضي تحقيق أول بقرار من المرجع المختص، حسب ما يكون التعيين بموجب تشكيلات أو انتداب أو تكليف”.
وكذلك، أوضح رزق الله بأن المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص صراحة أنه “لا يجوز لقاضي التحقيق الذي تحال إليه الدعوى أن يرفض التحقيق فيها، إلا في حالتي قبول تنحيه أو طلب ردّه، وبصورة أولى لا يحق له رفض قيدها في سجلاته”. كما استند رزق الله إلى مضمون المادة 35 قضاء عدلي التي ذكر فيها بأن “موظفي دائرة التحقيق في بيروت سيلتزمون بتعليمات قاضي التحقيق الأول الذي سيستلم رئاسة دائرة التحقيق بموجب تكليف من الرئيس الأول الاستئنافي.. ومن هذه التعليمات تنفيذ القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق الأول بإحالة الملفات إلى قضاة الدائرة..”.
ما عرضه رزق الله كان تذكيرًا ببعض المواد القانونية التي تلزم قضاة التحقيق بتنفيذ تعليمات قاضي التحقيق الأول في بيروت الذي يكلف من المرجع المختص، وذلك بعدما رفض بعض قضاة التحقيق تنفيذ قرار رزق الله الذي قضى بتكليف القاضي وائل صادق بديلًا عن أبو سمرا، بسبب عدم مراعاة درجات القضاة، فرفعوا بيانًا لرزق الله أعلنوا فيه رفضهم تنفيذ قراره أو متابعة أي ملف يحول من صادق إلى دائرة التحقيق.
آراء قانونيّة
وعليه، انقسمت الآراء القانونية حول هذه المطالعة، بين مؤيد لمضمون المطالعة وللمواد القانونية المعتمدة في هذا القرار، وبين معترض على الركون إلى هذه المواد القانونية.
وفي حديث “المدن” مع الدكتور جاد طعمة، أوضح أن مسألة تكليف القضاة في المراكز القضائية الشاغرة، تطرح إشكالية كبيرة حول الجهة المسؤولة عن تكليف القضاة، فهل يحق قانونًا للرئيس الأول تكليف القضاة؟ هذه الإشكالية باتت بعهدة مجلس شورى الدولة.
ويشرح طعمة بأن الآلية القانونية لتعيين القضاة في النيابة العامة ودائرة التحقيق تختلف عن سائر الدوائر القضائية، أي الأقسام والغرف. وفي حال صدور القرار بتكليف القضاة لملء الشواغر يجب أن يكون ذلك وفقًا للتراتبية الآتية: “للقاضي المعين بمرسوم التشكيلات القضائية، ومن ثم للقاضي المنتدب من وزير العدل بموافقة المجلس الأعلى للقضاة ، ومن ثم للقاضي المكلف من الرئيس الأول، ومن ثم للقاضي الأعلى درجة بين القضاة وأخيرًا للقاضي صاحب الأقدمية في حال تعادلت درجات القضاة”. لافتًا أنه من المستحسن مراعاة درجات القضاة، ولكن من الناحية القانونية، يجوز لرزق الله الاستناد إلى المادة 36 من قانون القضاء العدلي التي تنص على معيار تحديد رئيس الدائرة القضائية، وبالتالي يكون قرار رزق الله صحيحًا وواقعًا في موقعه القانوني في حال اعتبار أن الرئيس الأول يمتلك هذه الصلاحية”، معتبرًا بأن قرار رزق الله “قانوني”.
في المقابل، رأى المحامي علي عباس في حديثه لـ”المدن” أن ما ذكره القاضي رزق الله في مطالعته لم يكن مقنعًا، إذ يفترض تطبيق الفقرة الأولى من المادة 36 من قانون قضاء عدلي التي تنص على تكليف القاضي الأعلى درجة بين زملائه في الدائرة، أي القاضي فؤاد مراد، لكون الفقرة الأخيرة تتعلق بتعيين “قاضي تحقيق أول أصيل”، لافتًا إلى ضرورة تطبيق المبدأ العام ليحل الأعلى درجة، وفي حال أردنا تطبيق ما عرضه رزق الله، يفترض حينها تكليف القاضي وائل صادق بمهام قاضي تحقيق أول. كما اعتبر بأن قرارات التكليفات القضائية يجب أن تكون منصفة بحق القضاة وعادلة، والأهم عدم ربطها بالقرارات السياسية، خصوصًا أن أهمية هذا المركز تكمن في وجود ملفات حساسة، كملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.
المصدر: المدن
+ لا توجد تعليقات
أضف لك